نشأت فكرة هذه الإقامة من التفكير في المؤسسات الفنية والثقافية وما تمثّله من إمكانات أو قيود. استدعى هذا المنطلق بطبيعته تحديد بعض جوانب هذه المحادثة فيما يتعلق بالعمل في أو مع مؤسسة، سواء كانت جوانب سياقية (خبرة في التعامل مع المؤسسات في نطاق مشروط/ظرفي) أم شخصية (تطلعات التغيير وتفاهمات العمل المُحبَّذة). بدأنا بتهيئة المساحة لنعطي حوارات معينة أولوية لا تعطى لها عادة في إقامات الاستوديو العملية قبل أن نُقيّم آثارها اللاحقة.
ومع ذلك، استُلهمت بعض العناصر من التركيبة الأساسية لبرنامج الإقامة العملي عبر توفير مساحة للعمل على مشروع شخصي أثناء تحليل جارٍ لأحد السياقات المعاصرة للإنتاج الفني. كان ذلك مدخلًا لفهم اللحظات التي تنشأ فيها روابط قوية مع أشخاص أو مواضيع تتجاوز نطاق العمل المحدد مسبقًا، بصرف النظر عن مدى مرونة المؤسسة خلال الوقت الذي أخذته هذه الروابط لتُصاغ. يمكن بعد ذلك أن يكون الاتصال القوي حيزًا مخصصًا لمساحة مؤقتة للمساواة تحوي علاقة أفقية ومجازية بين المشتركين في هذه المحادثة وموضوعات عملهم وكذلك سياقات الإنتاج الخاصة بهم.
أخذنا وقتنا في التفكير وطرح الأسئلة: ماذا تفعل المؤسسة؟ ماذا نعني عندما نقول "تغيير طريقة عمل الأشياء"؟ في مثل هذا الموقف، يتطلب تخصيص وقت لحل معضلة القدرة على إيجاد مساحة لحلها، فعملنا على إيجاد أرضية مشتركة تعترف بطبقات العمل التي يستدعيها التفكير النقدي. كانت إعادة التفكير في تعريفات "التغيير" نقاط حوار ومفاوضات نشطة بالمقدار نفسه.
حدَّدَت بُنية الإقامة وفرضيتها طريقة تآزر قريبة وموازية وعلى بعد خطوات قليلة من الحاجة الملحة لتقديم عمل فني مكتمل. لم تتضمن الأرضية المشتركة للمشاركة استجابة لموضوع معين. ومن ناحية أخرى، لم تُستكمَل الخطة الأولية لمّا باشرنا الإقامة. لا يمكننا القول إن الخوض في الممارسة الشخصية والمشاركة في مساحة تشاورية هما أمران منفصلان، لكننا نود الإقرار بمشاعرنا المختلفة تجاههم. تَمثّلت منهجية العمل في الاجتماع في مكان ما (نظريًا، لكن عبر الانترنت) لقراءة أو نشاط، بحضور فهمنا المشترك في أن خيار الرجوع إلى اهتمام شخصي أو إلى ما يشغل البال أو يجرّب لأول مرة ممكن ومتاح دائمًا.
وغالبًا ما توفّرت مساحة لمغادرة الحوار حول المؤسسة، ومع ذلك كنا نعاود الرجوع إليه دائمًا. ربما شكّل حوار القيود المؤسساتية نقطة انطلاق إلى مخيلة أقل محدودية، إذ يُصاغ بعدها منطق خاص غير منفصل كلّيًة عن طبيعة السياق؛ منطق يدل على الواقع الشخصي للأشخاص المعنيين بهذا المشروع ولكن بإمكانه اتخاذ مسافة تختبر حدود ذلك. وفي بعض الأحيان، شَكّلت المؤسسة اهتمامًا شخصيًا أيضًا: يلزم التفكير بها لأنها تقيد حرية التصرف، وبنفس الوقت يمكن تخيلها كمكان يصلح لصياغة شعور بالانتماء.
وأثناء الحديث عن مشاكل مواكبة الاقتصاد نكتشف مساحة الاستقلالية الذاتية التي تُهمّش غالبًا جرّاء ضغوطات إنجاز يفرضها واقع نيوليبرالي. نعمل في مشاهد ثقافية متعثرة وقيد التفكك، ومع ذلك تقوم الأعمال المصنوعة حولها أو داخلها بإعادة إحيائها كل مرة. تحوي المحادثة الشخصية خصوصية متعلقة بممارسات وسياقات مختلفة ومن خلال تلك المحادثة تتخذ تحديات السياق أشكالاً أكثر وضوحاً.
إذا كانت المؤسسة مكانًا جامعًا، فتخيُّل المكان يجعله ممكناً، والتحاور نقطة الإنطلاق. ما شكل هذه الجماعية وكيف تتشكل؟ ربما هناك أمر جدير بالذكر في هذه الوسيلة التي استلمناها/وقعنا في شراكها. "ميرو" كمكان يمكننا زيارته في أي وقت. ربما سنلتقي بعضنا. ربما لا. يظهر خوف عند مشاركة مساحة استوديو مهما كانت مساحة غير رسمية أو متشرطة. نعود لنتسائل عن إمكانية تحقق الفن على جانب العمل الجماعي دون أن يستخدم أحدهما الآخر ذريعة للمعنى. شبه: تقريبا وما بين وبين على حد سواء. نرى ممارسة بأكملها في بادئة.
المقيمون: أحمد منجي، راما سبانخ، سنابل عبد الرحمن، عاشة عثمان، علي العدوي، نور أبو عرفة.
*تم تقيم وتطوير برنامج الإقامة من قبل بتول الحناوي، جود التميمي، فراس شحادة وريم مرجي.
مرحبا
بتذكر اول مرة اشتغلنا فيها مع بعض واول لقاء بالتحديد كنت بفكر انه هدا اخر لقاء بينا وانه مش راح نشتغل مع بعض لا على الفلم اللي اشتغلنا عليه وقتها ولا على اي فلم ثاني لانه تعصبنا كثير على بعض بهدا اللقاء وكان واضح الي انه احنا مش راح نتفق ابداً. في هذا اللقاء سالتنيني "انتي عايزة الفلم ده يطلع ازاي؟" بالنسبة الي كان هدا سؤال كبير وكنت بفكر انه جوابه حيكون نتيجة النقاش بينا ونتيجة العمل مع بعض لانه كثير اشياء بتصير اوضح خلال عملية الانتاج نفسها ، بس طلع اه و لا : )
المهم بعد هدا اللقاء صرت اسال حالي مرات كثير "انا عايزة العمل ده يطلع ازاي؟" ودايماً كان يطلع معي الاشياء اللي بديش العمل يكون زيها مش كيف بدي يكون العمل. هاي المرة عم بسال حالي هدا السؤال وهو جواب الك كمان لهذا العمل بالتحديد، قبل سنتين حكينا انه بدنا نشتغل مع بعض على تحرير هدا الفلم (فلم اللوحات المفقودة)، ومن وقتها حكينا كثير بس ولا مرة حكينا عن هذا الفلم، في اشي كان بيخليني دائماً اتجنب الحكي عنه لانه انتاجة مرتبط ارتباط وثيق بعملية البحث اللي هي صعب السيطرة عليها لانه كل الوقت بيطلع مفاجأت، واي حديث عنه راح ياخد العمل لمنحى توثيقي وهو اشي انا بتجنبه، بس هاي المرحلة عم تاخد وقتها ويمكن منيح انه افكر هلأ كيف بدي او كيف بديش يكون هدا العمل.
اول اشي مش شايفته فلم وثائقي، مع انه المواد المصورة اللي عندي هي تصوير البحث عن اللوحات اللي ابتدأ في سويسرا مكان حدوث المعرض الى ايجادها في مخزن في لندن، التصوير بيركز على المتحف اللي صار فيه المعرض وعلى اللوحات وهي عم ينشال عنها الكراتين و اللفات في المخزن. اكيد مش حابة يكون فلم "ساسبينس" ولا رحلة بحث، اللي حابة يبين بالفلم هو سحر اللوحات وهي مختفية، ما بدنا نشوف اللوحات في الفلم، بس بدي نقدر نتخيلهم لانه الخيال بينتج اشياء مثيرة اكثر من حقيقة اللوحات، فكرت انه يكون في حوار بالفلم بين اللوحات، مثل شاهادات هاي اللوحات عن طريق شخصنتها (هاي فكرة مش كثير متآكدة منها لسا بحاجة انه ادرسها او نتناقش فيها اكثر)، شايفة كمان انه الفلم محتاج مواد مصورة مختلفة تماماً لتنضاف للفلم، محتاجة اصور، فكرت بصور للقمر صورتهم ناسا، فكرت بالقمر لانه احنا دايماً منشوفه وبالحقيقة احنا بنكون شايفين انعكاس الشمس عليه مش هو، كانه القمر شمس جايتلنا بهيئة شبح، هو بحاول يكون الشمس بس هو مش الشمس، وكمان في حقيقة عرفتها عن القمر انه في كل سنة القمر بيبعد عن الارض ٣ سم، كل سنة جديدة هو ابعد ب ٣ سم، يعني بيوم من الايام راح يختفي تماما، وهدا الاشي بيضيف سحر على القمر حسب رأيي، الفقدان دايماً ساحر.
في كمان شغلة بدي اذكرها، ما بعرف اذا بتتذكري قلتلك على معرض قطر، اللي اللوحات فيه كمان انفقدت، قلتلك وقتها انه ابوي كان مشارك بهدا المعرض ولوحاته الثلاثة كانت من ضمن اللوحات اللي اختفت، وقتها المنظم خبر بابا انه اللوحات انسرقت وعشان يلطف الجو قاله "الحرامي عرف يختار"، المهم لقيت ملف بيحتوي على مراسلات بين الفنانين و المؤسسة اللي نظمت المعرض فيه وصف لكل الاعمال اللي شاركت ومطالبة الفنانين بالاعمال او بتعويض عن الاعمال المفقودة. هاي المواد عم بفكر كيف ممكن تدخل الفلم من غير ما تحمل الفلم عبئ الارشيف، عم بفكر كيف ممكن تكون نقطة بداية لمواد بصرية ثانية.
لهلآ هدا اللي عم بفكر فيه
نور
إلى من يهمه الأمر.. إليك يا من انت هناك.. أو هنا.. مش فارقة
اتى وباء الكورونا ليأخذ عبارة "الواقع فشخ الخيال" إلى مرحلة الابتذال الكامل كوكبيا ومحليا حيث جاء بعد سلسلة من الأحداث بداية من تفاقم المشكلات الناجمة عن الاحتباس الحراري والكوارث البيئية وصعود اليمين في أوروبا وأمريكا ورئاسة ترامب وصولا الى مطالبات بعض رجال الأعمال بعد تفشي الفيروس الى سرعة عودة عجلة الإنتاج حتى لو اضطر العمال إلى البيات في أماكن عملهم مع الحفاظ على التباعد الإجتماعي! بالإضافة إلى الصور الحذرة للإجراءات الاحترازية اليومية من ماسكاتومسحات وقياسات حرارة إلى ترقب انتشار الموجة الثانية من الوباء.
كل ذلك أدى الى عودة توجه الخيال العلمي الى قلب النقاش الثقافي والفني حول العالم مما يدفعنا إلى طرح الأسئلة التالية
ماذا يمكن أن يحدث لو تعاملنا بجدية نقدية مع المنتجات الثقافية للخيال العلمي(أفلام/كتابات/مسلسلات) في السياق المصري والعربي؟!
ما هي شكل العلاقات التى يمكن أن تطورها هذه المنتجات داخل سياقات غير علمية أو بالأحرى لا تنطلق من أسس أو بنى تحتية علمية حيث غالبا ما تبدأ بطموح يوتوبي وتنتهي بواقع ديستوبيي؟
رعب الماسات الخضراء
حلقة دراسية/سيمينار أونلاين تسعى إلى بحث ونقاش تشاركي وتحري لقراءات متنوعة للمنتجات الثقافية المختلفة للخيال العلمي في السياقات المصرية والعربية الحديثة والمعاصرة عبر ثمانية لقاءات بين المشاركين والمتحدثين الضيوف مع أحمد منجي وزينة حلبي وعليا مسلم وحسن خان ومريم مكيوي.
علي حسين العدوي
سلامات سلامات، كيفكم اليوم؟ شو طابخين؟
عندي مشروع، بدي أحكي فيه عن حياتكم، بالتحديد عن بيتكم، قصتكم، اللي عم بتصير قصتي، من غير ما أحاول.
قصتكم قارب، في مواضيع كثيرة ما بتنحكى، أو ما بينحكى فيها. ما بعرف ... تربيت في بيتكن وعيني كسبت شوفة الأشياء اللي بتعجبكم، الـaesthetics تبعتكم... فممكن رؤيتي منحازة.
بدي أسرح عندكم، بالبيت. ممكن عم بفكر في المشروع بطريقة عم بتتمحور حولكم عشان اشتقتلكم. أو اشتقت للمدينة، مش سهلة هاي الفترة حقيقةً…
بدي أحرك اللوحة فوق السفرة، وأسمع الرصاصة بتتحرك جوا. زي مقص أو مبضع منسي في بطن مريض.
شايفة خطوط كثيرة ممدودة منكم وطالعة منكم. بحبش رومانسية الأشياء أو الناس، بس من دون هاي الرومانسيات ما بحس في دافع للعمل. الرومنسيات بتساعد الخيال، والخيال لب القصة، والقصة قالب الأشياء كلها. من هجرتك وهجرة جدي فؤاد الله يرحمه، لكشيشة الحمام في جبل الأشرفية بحس في تشابه. في أيلول أكلتوها، ستي كنتِ حامل مش هيك؟ وتخبيتوا تحت عند تيتا أم حبيب. خزقوا الأزانات عالسطوح، ومشيتوا بالشارع لعند الأرض الفاضية لكرڤان يعبوا فيها مي. أنا بعرف كل الأحداث بس حاسة ما بعرف إشي، بحلم فيكم كثير.
هل بتشوفي الندبة باللوحة؟ ولا بس أنا بتتملكني؟ ليش لهلق ما طلعتوا الرصاصة. غريب عدم مواجهتكم. مش جاي أحكم، جاي أسأل. دايماً بحكي بوقت غلط، دايماً بيتك عامر وفيه ناس.
خلينا نحكي بعدين. لسه مش جاهزة أشرح.
راما
Readings
1. Trinh T. Minh-ha, When the Moon Waxes Red, Chapter 2: The Totalizing Quest of Meaning (pages 29 to 32).
2. Lara Khaldi, Yazan Khalili, and Marwa Arsanios, What We Talk About When We Talk About Crisis: A Conversation, Part 1.
3. Erika Balsom, The Reality Based Community.
https://www.eflux.com/journal/83/142332/the-reality-based-community/
4. Charles Henry Rowell, Words Don’t Go There: An Interview with Fred Moten.
Excerpt: https://fredmoten.site.wesleyan.edu/interviews/
5. Nora Sternfeld, Para-Museum of 100 Days: documenta between Event and Institution.
6. Veda Popovici, The Spectral Institution (Essay).
7. Suhail Malik and Tirdad Zolghadr, Artist as Quarry.